بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على نبي
الرحمة و قدوة الأمة, أشرف المرسلين , محمد الصادق الوعد الأمين و على آله و
أصحابه الطيبين و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما
أبعد, هل سالنا أنفسنا ما هي حقوق النبي عليه و الصلاة و السلام علينا؟ النبي الذي بلغ الرسالة و أدى الأمانة و نصح الأمة, ماذا يتوجب علينا
بالمقابل من التزامات و واجبات؟ لنبحر معاً ونعرض بعضا من هذه الحقوق لعل الله أن يزيد
المُحِب حُبّاً، والمتبع اتباعاً، وأن يُبّدِّل الغالي قصداً
واعتدالاً، والجافي لينا وأدباً، والبعيد قرباً وطاعة لنبينا وحبيبنا صلى
الله عليه وسلم.
الإيمان الصادق به وتصديقه
قال تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنْزَلْنَا
﴾ [التغابن: 8] وقوله تعالى: ﴿ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ
الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
﴾ [الأعراف: 158] , و لا يخفى أن الإيمان
بمحمد عليه الصلاة و السلام هو من تفصيل أركان الإيمان التي تشتمل على الإيمان
بالرسل و الأنبياء بالكلية.
محبته
قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ
وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ
كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ
وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ
لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24 ], وفي الآية تهديد ووعيد شديد
لمن قدَّم أيَّ محبة على محبة الله ورسوله, وفي الحديث قولـه صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب
إليه من ولده ووالده والناس أجمعين" (رواه مسلم). ومعنى محبته: إيثار ما يحبه
صلى الله عليه وسلم على ما يحبه العبد.
طاعته و عدم معصيته
من الحقوق الهامة للنبي صلى الله عليه وسلم: اتباعه وطاعته، وعدم معصيته ومخالفة أمره, قال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُول فَإِن تَوَلَّوْا فَإِنَّ
اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ﴾ [آل عمران: 32 ] وقال تعالى: ﴿ قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ فَإِنْ
تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ﴾ [النور: 54][5]. ولازم هذا أن عصيانه مفضٍ بصاحبه إلى الضلال الموجب للهلاك في الحياتين, قال صلى الله عليه وسلم: "كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى"
قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال: "من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى"
(رواه البخاري).
اتباع النبي و الاقتداء به
قال تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ
﴾ [الأحزاب: 21][4] أي قدوة صالحة فاقتدوا به. و قال تعالى: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ
اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ)[آل عمران:31].
إن اتباعه عليه الصلاة و السلام
واجب في القول والعمل والمعتقد قال تعالى: ﴿ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ
﴾ [الأعراف: 158] , و لعل من أهم علامات الاتباع: ترك
البدع و السيرعلى سنته الواجبة والمستحبة والرجوع إليها وتحكيمها عند وجود الخلاف بين
أقوال الناس.
احترام النبي وتوقيره
إن توقيره واجب أكيد إذ أن الاستخفاف به صلى الله عليه وسلم كفر وردة
عن الإسلام قال تعالى: ﴿ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا *
لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ ... ﴾ [الفتح:
8، 9]
وقال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ
فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ
أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [الحجرات: 2].
الصلاة عليه
قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ
يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب:
56] , وقال صلى الله عليه وسلم: "رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصل علي".
(رواه الإمام أحمد والترمذي).
محبة آل بيته وصحابته
إن محبة أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ومحبة أصحابه من محبته وحيث
إن محبته واجبة فمحبة ما يحب واجب أكيد أيضاً. وكيف يمكن لأحد أن يدعي محبة النبي صلى
الله عليه وسلم وهو لا يحب أهل بيته ولا يحب أصحابه, عن أبي سعيد الخدري, قال رسول الله (و الذي نفسي بيده ، لا يُبغِضُنا أهلَ البيتِ أحدٌ إلا أدخلَه اللهُ النارَ) و عن
جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في
حجته يوم عرفة، وهو على ناقته القصواء، يخطب، فسمعته يقول: ((يا أيها
الناس، إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا: كتاب الله، وعترتي أهل
بيتي))؛ رواه الترمذي.
تعظيم شأنه
إن المراد من تعظيم شأنه صلى الله عليه وسلم احترام وإكبار كل ماله تعلق
به صلى الله عليه وسلم فاسمه وحديثه وسنته وشريعته، وآل بيته. وصحابته. وكل ما له اتصال
به من قريب أو من بعيد وهذا كله داخل تحت وجوب توقيره وحبه وتعظيمه, ولهذا حرم الله على أزواجه من بعده أن يتزوجن غيره تعظيماً لشأنه صلى
الله عليه وسلم, كما رفع الله له ذكره فلا يوجد أرض إلا وفيها من يؤمن به ويحبه، ولا يرفع
الأذان إلا بذكره مقروناً بذكر ربه عز وجل.
الدفاع
عنه و نصرته
ولـه حق أيضاً في الذب عنه صلى الله عليه وسلم والردّ عن عرضه. خاصة في
هذا الزمن الذي كثرت فيه دعوات التشكيك في رسالته وسبه أو السخرية أو الاستهزاء به
كما يفعله بعض الفجرة وأذنابهم من بني جلدتنا وممن يتكلم بألسنتنا
وقلبه عري من الإيمان.
المراجع
سنن الترمذي - صحيح مسلم - صحيح البخاري - موقع إسلام وب ( بتصرف)