نماذج الصبر و الثبات في أول الإسلام
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد و آله و أصحابه أجمعين
السسلمون
الأوائل هم من حملوا مشعل الرسالة إلى جانب نبينا الكريم عليه الصلاة و
السلام في دعوته إلى الله, و عانوا الاضطهاد و القتل و التشريد في سبيل
إعلاء كلمة الحق و هذا الدين, و بذلوا الغالي و النفيس لأجل الثبات على
الإسلام و ضحّوا بأنفسهم و أموالهم و ما بدّلوا و صدقوا الله و رسوله.
هم منارات مضيئة في الزمن الأول للإسلام , و هم فخر و قدوة في الصبر والثبات أمام المحن والابتلاءات، مع التفاؤل والتطلع للمستقبل
المشرق الذي ينصر الله عز وجل فيه الإسلام .
المسلمون الأوائل
ذكر
أهل السير أن أول الرجال إسلاماً أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وأن أول
النساء إسلاماً أم المؤمنين خديجة رضي الله عنها، وأن أول الموالي زيد بن
حارثة رضي الله عنه، وأن أول الصبيان علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذكروا
أن أبا بكر هو أول من أظهر إسلامه و حمل الدعوة مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم, فدخل على يديه في الإسلام صفوة من خيار الصحابة ومنهم عثمان
والزبير وطلحة.. وسعد وأبو عبيدة وعثمان بن مظعون وعبد الرحمن بن عوف وأبو
سلمة والأرقم بن أبي الأرقم.
عن محمد بن إبراهيم
بن حارث التيمي قال: "لما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص
بن أمية فأوثقه رباطًا وقال: أترغب عن ملة آبائك إلى دين مُحْدَث؟ والله
لا أحلك أبدًا حتى تدع ما أنت عليه من هذا الدين، فقال عثمان: والله لا
أدعه أبداً ولا أفارقه، فلما رأى الحَكم صلابته في دينه تركه".
و
عن أبي الأسود قال: "أسلم الزبير وهو ابن ثمان سنين، وهاجر وهو ابن ثمان
عشر، وكان عمه يعلقه في حصير ويدخن عليه بالنار ويقول: ارجع إلى الكفر،
فيقول الزبير: لا أكفر أبدا" رواه الطبراني .
و
عن عمر بن الحكم: قال : "كان عمار يعذب حتى لا يدري ما يقول". وفي السيرة
النبوية لابن هشام: " .. سمية أم عمار عذبها هذا الحي من بني المغيرة على
الإسلام وهي تأبى حتى قتلوها، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بعمار
وأمه وأبيه وهم يعذبون بالأبطح في رمضاء مكة فيقول: (صبراً يا آل ياسر فإن
موعدكم الجنة).
الشهيد الأول
هي سمية بنت خُبّاط ، وقيل: خياط ، والدة عمار بن ياسر رضي الله عنه.
قال
الحافظ ابن حجر: : أخرج ابن سعد بسند صحيح عن مجاهد قال: أول شهيد في
الإسلام سمية والدة عمار بن ياسر, وقال ابن كثير في البداية والنهاية:
قال الإمام أحمد: حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال: أول شهيد
كان في الإسلام استشهد أم عمار طعنها أبو جهل بحربة في قبلها.
أول من هاجر في الإسلام
بعد
مضيّ ثلاث سنواتٍ من الدعوة السريّة للإسلام، جهرَ النبيّ الكريم بالدعوة النبويّة،
وعندها بدأت محاربة قريش للمسلمين التي كانت تزداد قساوةً يومًا بعد يوم، وفي السنة
الخامسة للبعثة النبوّية ضاقت مكّة بهم وبدأوا بالبحث عن أرضٍ آمنةٍ تأويهم، فأمر الرسول
-عليه الصلاة والسلام- أصحابه بالهجرة إلى الحبشة حفاظًا على دينهم وأنفسهم من بطش
قريش وأهلها، روي عن أم سلمة هند بنت أمية قال صلى الله عليه وسلم: " إنَّ بأرضِ الحَبَشةِ ملِكًا
لا يُظلَمُ أحدٌ عندَه؛ فالحَقوا ببِلادِه حتى يَجعَلَ اللهُ لكم فَرَجًا ومَخرجًا".
كانت هجرة المسلمين خلسةً قاصدين أرض الحبشة، وكان
أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة أحد عشر رجلاً وخمسةٌ من النساء، وجاء في نصّ الحديث
الشريف أنّ أول المهاجرين هو عثمان بن عفّان وزوجته رقيّة بنت رسول الله -رضي الله
عليهما- فقد قال صلى الله عليه وسلم في رواية عن أنس بن مالك: "إنّ عُثمانَ لأوّلُ
من هاجرَ إلى اللهِ بأهلهِ بعد لُوطٍ ".
وتبعهما أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة وزوجته سهلة
بنت سُهَيل وحاطب بن عمرو ومصعب بن عُمير وعبدالرحمن بن عوف وأبو سلمة بن عبد الأسد
ومعه امرأته أمُّ سلمة بنت أبي أميَّة، وكان من بين أول من هاجر من المسلمين إلى الحبشة
أيضاً الزُّبير بن العوام وعثمان بن مَظْعون وسهيل بن بيضاء وعامر بن ربيعة ومعه زوجته
ليلى بنت أبي حثمة وأبو سَبرة بن أبي رُهُم العامريُّ وزوجته أمُّ كلثوم بنت سهيل بن
عمرٍو، كانت تلك هي الهجرة الأولى للمسلمين.
وبعد أعوام تجهّز المسلمون للهجرة الثانية ولكن
بشكلٍ أوسع، إذ كان عددهم هذه المرة نحو ثمانين رجلًا على رأسهم جعفر بن أبي طالب
رضي الله عنه.
إن تضحيات
المسلمين الأوائل فيها من الدروس و القدوات ما فيها، فالعجب و كل العجب كيف
انفصلنا عن تاريخنا المجيد و بتنا نرى البطولة في سوبر مان و الرجل
العنكبوت و غيره من رموز سينما الغرب التي تدس من خلال نماذج البطولة هذه
الغث و السمين في شخصية أطفالنا.
و الحمدلله رب العالمين.
المراجع
الطبقات لابن سعد - السلسلة الصحيحة للألباني - السيرة لابن هشام - البداية و النهاية لابن كثير