خواطر من مجتمعاتنا " الفاضلة "
من المؤسف بأنَّ أكثرية مُتابعي وسائل التواصل الإجتماعي انخرطَ في لعبة
التَّسابق لإنزال مُدوِّنات فارغة المضمون بهدف الكسب المادي بغض النظر عمَّا تحتويه
من مُغالطات أو سخافات تُناقض منظومة القيَّم التي نشأْنا عليها.
فالكل أضحى إعلامياً يُدلي بدلوه في كافة الأمور فيُحلل ويُحرِّم ويفتي ويَهدم أراءً عليها إجماع ألأمة بحجة حرية
الرأي أوتحديث الشريعة، ولا من حسيب ولا رقيب.
فالهواء وللأسف، مُشرَّع للمُفسدين والتافهين وصائدي المُشارَكات .
هذه المهنة المُستجدَّة كالسلاح الفتاَّك تُوقع صاحبها في التهلكة إذا
لم يتيقَّن كيفية التعامل معها.
كما إنَّ مشاركة الفرد على الملإِ
لحياته اليومية أو خوضِّه في خصوصياته أو خصوصيات أياً كان يُعدُّ فَضحاً لحُرمة
المنزل و للسِتْرَة والحياء وتعدياً على فريضة
الإستئذان المأمورون بها لقوله تعالى "وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ "(النور 59).
كذلك فهي تُشرِّع الأبواب لفعلِ التجسس وللخوض في الغيِبَة المُنهى عنهما
لقوله تعالى "وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا ۚ أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ" (الحجرات12) .
للأسف لم يبقَ مُحرمات أو حدود أخلاقية تنهى عن المنكر و بات تصوير الحدث
حتى لو كان خادشاً للحياء, ومن ثمَّ تحمِيله ومشاركته للعموم يُحَفِّز البعض لإتخاذه
مهنةً نظراً للمردود المادي الذي تُوفره لهم فكُلما زاد التفاعل زادتِ الأرباح.
وهنا لا بُدَّ من لفتة كريمة تتعلق بالكسب الحلال تعلمتها من المرحوم
والدي "المال الحلال يذهب أما المال الحرام فيذهب هو وأهله".
مهنةٌ أخرى مُستحدثةٌ هي الفاشنيستا أو الانفلونسرز الذين يروِجون للسطحيَّة
وإضاعة الوقت ويحُثُّون الناس على متابعتهم والأخذ بنصائحهم المُخالِفة أحياناً للفطرة
السليمة أو القيَّم الدينية أو الإجتماعية، فتراهم يتنافسون على إحراز أكبر عدد من
المُتابعين لتعلو بذلك مكاسبهم ،علاوة على مشاركتهم في إشاعة السخافة والتمدُن المزيف
الذي لايمُت الى مجتمعاتنا الإسلامية بصلة .
فأين هؤلاء "المؤثرون"
من كبارنا كصلاح الدين أوالسيدة خديجة أو أمرأة فرعون..الذين وجِبَ علينا إتخاذهم
قدوة ومثالاً يُحتذى به. فالخطة المدمرة للثقافة تقوم على استبدال أهل الإيمان والعِّزة
والشيَّم والهمم بأهل النفاقِ والهوانِ والعبثِ
والخِفة حينها يتقهقر المجتمع فيسهل توجيهه والسيطرة عليه.
وعلى المقلب الآخر يقع على المُتلقي وِزْرَ هذه السخافات والمُغالطات
لإعجابه بها أو لمشاركتها فيكون قد ساهم بالذنب ولو عن غير قصد، فعن رسول الله قوله
"إن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جهنم"
.والكلمةُ تضُّم تحت جناحيها الكلمة المسموعة والمنقولة والمكتوبة والمُشَارَك بها
فليحذر صاحبها منها ويُقيمها جيداً وفي حال إمتناعه مشاركة ما يُخالف الإسلام يؤجَر
على قراره هذا لحديث الرسول"ومن هَمَّ بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة
واحدة ".
قديماً، كان للكلمة منزلة رفيعة وتأثير في استنهاض الشعوب وإرساء الوعي
الجماعي، فتحيةٌ مني لكل من نقل أو شارك مدوَّنة بهدف إعلاء كلمة الحق ونشر راية الإسلام
عملاً بحديث رسولنا الكريم "بلغوا عني ولو آية " وبقوله تعالى "
ٱلَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَٰلَٰتِ ٱللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُۥ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا ٱللَّهَ ۗ"(الأحزاب 39).