بدعة الزواج المدني
تَتَناهى اليوم إلى مسامعنا، بِدعةٌ مُكرَّرةٌ - تكادُ أن تصبح باليَّة - يَتخِذُها كل
من صنَّف نفسه بالمُجَدِد أو المُتَنوِّر أو التغيِّري وهي مَقولة: هل أنتم مع إقرار
الزواج المَدَني أم لا؟ و ضمناً يَحوي السؤال في طيَّاته البُعد الحقيقي له وهو:
هل أنتم مع إقامة أحكام الشريعة الإسلامية أم لا ؟ وهل تعتبرونها موقوفة
على مجتمعٍ معينٍ قد بادَ واندثر فيُحَتَّم بالتالي إقرار تشريعات تتماشى مع التطورات
الإجتماعية المُتسارعة؟
هذا السؤال المُبطَّن يَطال مُكونات الأحوال الشخصية بُرمَّتها من أحكام
الوراثة والطلاق والحضانة والعلاقات الشاذَّة والمُحرَّمة... الى ما هنالك من تفلُّت
مقصود ومحاربة لحدود الحلال والحياء .
فلقد ضجَّت مختلف وسائل الإعلام
من أجل الترويج لفكرة أن الزواج الشرعي هو نِتاج المُتَشددين من الإسلامين والمُتَخلفين
الرَجعيين، وأنَّ مناصرِّي فكرة الزواج المدني هم الذين أنيطَ بهم مهمة تطوير المجتمع
ليواكب العصر الحديث حيث يتمتع الفرد بالحرية المُطلقة تحت مُسمى "لا أكراه في
الدين "(البقرة256)"
مكانكم قفوا، فإنَّ أسلوبكم المُنمَّق بإسم الإنسانية والتعاطف معها مفضُّوح
، وغايتكم معروفة ألا وهي: جَرْ الإنسانية نحو العلمانية المُزَخرَفة بأعلام الحرية
والتقدم العلمي والتطور المنشود.
إنَّ فعلكم هذا يُشبه دَّس السُم في العسل. ومع أنكم
لم تبلُغوا سن الرُشد الفكري وتتمتعون بفكر ديني قاصر غير ناضج لفهم آيات
المولى وأحكامه
فإنكم لا تمثلون خطراً على أنفسكم فحسب بل وعلى المجتمع أيضاً ؛ لذا
فسنحاكمكم بتهمة "الغباء الفكري" والحَكَمُ الفاصِلُ بيننا
هو قول المولى
"قل هل نُنَبِّئُكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضلَّ سَعيُهم في الحياة
الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً"(الكهف 4103).
إنَّ غبائكم الفكري يعكسه التطاول الوقح على أحكام الشريعة المُستقاة
من منبعِّي التوحيد: القرآن والسُنَّة .
فهل أنتم أدرى بمصالح
الناس وأقدر على تنظيم شوؤنهم وأرحم بهم من خالقهم الذي وصف نفسه : "وقل ربِ إغفر وارحم وأنت خير الراحمين " (المؤمنون 118) أو
كما وصفه الأنبياء "وأيوب إذ نادى ربه
أني مسني الضر وأنت أرحم الراحمين" (الأنبياء 83).
هل تنتقدون كلام المولى أو تشكون به؟ وقد أَحْبَط القرآن الكريم هذا التفكير
المُنحرف بأَدَق آية: "قل أأنتم أعلم أمِ الله"(البقرة 140).
فالذي له حق التشريع هو المالك الفعلي للمخلوقات، فهل حسبتم أنكم تملكوننا
فتُشرعوا لنا قوانينكم؟؟ لعلمِكم نحن عبيدٌ
للواحد الأحد ، مالك الملك له أسلمنا وآمنَّا بقوله تعالى : "وما كان لمؤمن
ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة في أمرهم ومن يَعصِ الله ورسوله
فقد ضلَّ ضلَلاً مبيناً(الأحزاب 36) وأضيف
قولنا واحد: "سمعنا وأطعنا غُفْرانكَ ربَنا واليك المصير"(البقرة285)
قياساً على الآية الكريمة "ولا تُّؤتُّوا السفهاء أموالكم"
(النساء 5) نقول لكل مسلم لا تُّؤتي مُقدراتك وقراراتك ومصالحك لهم ،لأن قاصر التفكيرحُكمُهُ
الحَجِرُ عليه الى أن يرشُد.
إن دورك في اختيار الطريق الذي ستسلكه في هذه الحياة يُوجِب عليك تحمل
نتائجه. فإمَّا طريق النجاة أو طريق الهلاك ،إمَّا أن تختار أن يكون المُشرع رب العالمين
وأمَّا ان تُسلِم مصيرك لهؤلاء الضاليِّن وتُحشَر مع الزمرة المذكورة في سورة الاحزاب
"وقالوا ربنا إنَّا أطعنا سادتنا وكبراءنا
فأضلونا السبيلا" .
أخيراً لكل من أيَّد أو شارك أو تغاضى أو أقرَّ هذا القانون أو مرره ،
نحن نوجه الإتهام المباشر له بتضليل المجتمع وحَرفِه عن الطريق القويم وإلقائِه في
أتون المحرمات، ولا نملك إلا أن ندعو " اللهم لا تُؤاخذنا بما فعل السفهاء منَّا"
فإنَّ رائحة العفونة تصدرُ من أَحكامكم، فأبقوها لكم رجاءً، ولا تنثُروهاعلينا ،.... فكفانا تَلوثاً.!!!