فضل و أحكام الأذان
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على شفيع الأمة النبي
الكريم, محمد و على آله و أصحابه الطاهرين و من سار على نهجهم إلى يوم الدين.
قال الله تعالى: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ...
[فصلت: 33] , كلنا يطرب و يأنس بالسكينة التي نشعر بها عند سماع الأذان, هذا النداء
الذي نسمعه كلّ يوم خمس مرات, هذا النداء الخيّرُ إلى الفلاح و ترك الدنيا و مافيها من
تعب و نصب و مشاحنات إلى طمأنينة الصلة برب كل شيء وخالقه, فما هو الأذان و ما هي
أحكامه و فضله؟
تعريف الأذان و قصته و كلماته
الأَذانُ لُغةً هو الإعلامُ و اصطِلاحًا هو ذكرٍ مخصوصٍ بعدَ دخولِ وقتِ
الصَّلاة للإعلامِ بها.
أخرج أبوداوود :عن أبى عمير بن أنس عن عمومة له من الأنصار قال : ( اهتم
النبي - صلى الله عليه وسلم - للصلاة كيف يجمع الناس لها ، فقيل له : انصب راية عند
حضور الصلاة فإذا رأوها آذن بعضهم بعضا فلم يعجبه ذلك . قال : فذكر له القنع - يعنى
الشبور ( ما ينفخ فيه لإحداث الصوت )، وقال زياد : شبور اليهود فلم يعجبه ذلك وقال
: هو من أمر اليهود . قال : فذكر له الناقوس ، فقال : هو من أمر النصارى . فانصرف عبد
الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتم لِهَمِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأُرِىَ
الأذان في منامه ، قال : فغدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ـ فأخبره، فقال له
: يا رسول الله إني لبين نائم ويقظان إذ أتاني آت فأراني الأذان ، قال : وكان عمر بن
الخطاب - رضي الله عنه - قد رآه قبل ذلك فكتمه عشرين يوما .. قال : ثم أخبر النبي
- صلى الله عليه وسلم - ، فقال له : ما منعك أن تخبرني؟! ، فقال : سبقني عبد الله بن
زيد فاستحييت ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا بلال قم فانظر ما يأمرك
به عبد الله بن زيد فافعله ، قال : فأذن بلال)
الله أكبر الله أكبر – الله أكبر الله أكبر – أشهد أن لا إله إلا
الله - أشهد أن لا إله إلا الله – أشهد أن محمداً رسول الله - أشهد أن محمداً رسول
الله – حي على الصلاة – حي على الصلاة -
حي على الفلاح – حي على الفلاح – الله أكبر الله أكبر – لا إله إلا الله.
وكان بلال يقول في أذان الصبح بعد حيّ على الفلاح : الصلاة خير من النوم
مرتين ، وأقرّه الرسول - صلى الله عليه وسلم - عليها.
من أحكام الأذان
الأذان فَرضُ كِفايةٍ على المسلمين فقد روي عن مالكِ بنِ الحُويرثِ رَضِيَ
اللهُ عَنْه، أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال لهم: ((وإذا حضَرتِ الصَّلاةُ
فلْيُؤذِّنْ لكم أحدُكم، ولْيؤمَّكُم أكبرُكم)) رواه البخاري و مسلم, و هو لا
يُشترط لصحة الصلاة فالأذانَ والإقامةَ ليسا من أركانِ الصلاةِ، وهما خارجانِ عنها,
و لكن الأذان من أعلامِ الدِّين، وفي ترْكِه استخفافٌ ظاهرٌ به و هو من شعائرِ الإسلامِ
الظاهرة, لذلك لا يجوز تركه بالكلية.
لا يصح الأذان قبل دخول وقت الصلاة إلا في صلاة الفجر على أن يكرر
عند بزوغه, و يُشترط في الأذان النية و رفع الصوت به و الترتيب في ألفاظه لأنَّه ذِكرٌ
مُعتَدٌّ به و لا يجوزُ الإخلالُ بنَظمِه، و أن يكون باللغة العربية و ليس بلغة
أخرى و أن يكونَ من شخصٍ واحدٍ؛ فلا يصحُّ أن يَبنيَ شخصٌ على أذانِ شخصٍ آخَر, و
أن يكون من مسلمٍ ذكر عاقلٍ متطهرٍ عدلٍ ، فلا يصح من كافر أو مجنون, و يستحب في
المؤذن حسن الصوت و البلوغ و المعرفة في أوقات الصلاة و احتسابها, كما يُستحب
استقبال القبلة من المؤذن و القيام و الترسل في الإذان و أن يقوم المؤذن على مكان
مرتفع.
فضائلُ الأذان
للأذانِ فَضائلُ جليلةٌ، وفوائدُ عظيمةٌ، منها
أوَّلًا: استحبابُ المنافسةِ فيه لشَرفِهِ وفضلِه : عن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه،
أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال: ((لو يَعلَمُ الناسُ ما في النِّداءِ
والصفِّ الأوَّلِ، ثم لم يَجِدوا إلَّا أن يَستهِموا عليه، لاستَهَموا ))
ثانيًا: فِرارُ الشَّيطانِ من الأذانِ :عن أبي هُرَيرةَ رَضِيَ اللهُ
عَنْه، قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ((إذا نُودِيَ للصَّلاةِ أَدْبَرَ
الشيطانُ وله ضُراطٌ؛ حتى لا يَسمَعَ التأْذينَ))
ثالثًا: المؤذِّنونَ أطولُ النَّاسِ أعناقًا يومَ القِيامة: عن مُعاويةَ
رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال: سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم يقول: ((المؤذِّنونَ
أطولُ الناسِ أعناقًا يومَ القِيامَةِ ))
رابعًا: المؤذِّنُ يُغفَرُ له مدَى صوتِه، ويشْهَد له كلُّ رَطْبٍ ويابسٍ: عن أبي هُريَرةَ رَضِيَ اللهُ عَنْه، عنِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم
أنَّه قال: ((المؤذِّنُ يُغفَرُ له مدى صَوتِه ويَشهَدُ له كلُّ رَطبٍ ويابسٍ))
خامسًا: المؤذِّنُ يَشهَدُ له كلُّ مَن سمِعَ صوتَه من إنسٍ أو جِنٍّ: عن عبدِ اللهِ بن عبد الرَّحمنِ بن أبي صَعْصعَةَ، أنَّ أبا سعيدٍ الخدريَّ
رَضِيَ اللهُ عَنْه، قال له: إنِّي أراك تحبُّ الغنمَ والباديةَ، فإذا كنتَ في غنمِكَ
أو باديتِكَ، فأذَّنتَ للصَّلاةِ، فارفعْ صوتَك بالنِّداء؛ فإنَّه: ((لا يَسمَعُ مدَى
صوتِ المؤذِّنِ جِنٌّ ولا إنسٌ، ولا شيءٌ، إلَّا شهِدَ له يومَ القِيامَةِ ))، قال
أبو سعيد: سمعتُه من رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم.
و قد عدّ الفقهاء الأذانُ أفضل من الإمامةِ، وهو مذهبُ الشافعيَّة، والحنابلة،
وقول للحنفيَّة وقولٌ للمالكيَّة.
الحكمة
من الأذان
للأذان
حكم و غايات عديدة أهمها: إظهارُ شِعارِ الإسلامِ وكلمةِ التَّوحيدِ
و الإعلامُ بدخولِ وقتِ الصَّلاةِ و مكانها, و الدُّعاءُ إلى الجَماعةِ, و كذلك الإعلامُ بأنَّ الدارَ دارٌ للإسلامِ.
اللهم حبّب إلينا الصلاة والطاعة، وجنّبنا وساوس الشيطان. اللهم خذ بأيدينا
إلى صراطك المستقيم و الحمدلله رب العالمين.
المراجع
((لسان العرب)) لابن منظور - الأحكام الكبير
لابن كثير – صحيح مسلم – صحيح البخاري – المجموع للنووي – كشاف القناع للبهوتي –
حاشية ابن عابدين – مواهب الجليل للحطاب – موقع الدرر السنية موسوعة الفقه.