بسم الله الرحمن الرحيم و أفضل الصلاة و أتم التسليم على أشرف
الأنبياء و المرسلين الصادق الوعد الأمين محمد و على آله و أصحابه أجمعين.
قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الله فرض فرائض فلا تضيّعوها،
وحد حدودا فلا تتعدوها)) رواه الدارقطني.
ان من جملة الحدود الشرعية التي حدّ الله تعالى حدودها النكاح حلاًّ و
حرّمة، حيث حرّم على الرجل نكاح نساء معينة لقرابة أو رضاعة أو مصاهرة أو غير ذلك,
و المحرمات من النساء على قسمين: قسم محرمات دائما و قسم محرمات إلى أجل.
المحرمات دائماً و هن أربعة أصناف
أولا: المحرمات بالنسب وهن سبع ذكرهن الله تعالى بقوله في سورة النساء: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ
وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ)(النساء-
23)
الأمهات: يدخل فيهن: الأم، و الجدات سواء كن من جهة الأب أم من جهة الأم.
البنات: يدخل فيهن: بنات الصلب و بنات الأبناء و بنات البنات (وإن نزلن).
الأخوات: يدخل فيهن الأخوات الشقيقات و الأخوات من الأب و الأخوات من
الأم
العمات: يدخل فيهن: عمات الرجل و عمات أبيه و عمات أجداده و عمات أمه
و عمات جداته.
الخالات: يدخل فيهن: خالات الرجل و خالات أبيه وخالات أجداده و خالات
أمه و خالات جداته.
بنات الأخ: يدخل فيهن بنات الأخ الشقيق و بنات الأخ من الأب و بنات الأخ
من الأم و بنات أبنائهم و بنات بناتهم(وإن نزلن)
بنات الأخت: يدخل فيهن: بنات الأخت الشقيقة و بنات الأخت من الأب و بنات
الأخت من الأم و بنات أبنائهن و بنات بناتهن(وإن نزلن).
ثانيا: المحرمات بالرضاع (وهن نظير المحرمات بالنسب) قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يحرم
من الرضاع ما يحرم من النسب)) رواه البخاري ومسلم
و لكن الرضاع المحرم لا بد له من شروط منها:
- أن يكون خمس رضعات فأكثر, فلو رضع الطفل من المرأة أربع رضعات لم تكن
أما له. لما روى مسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: ((كان فيما أنزل من القرآن
عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات)) رواه مسلم
- أن يكون الرضاع قبل الفطام: أي يشترط
أن تكون الرضعات الخمس كلها قبل الفطام فإن كانت بعد الفطام أو بعضها قبل الفطام و
بعضها بعد الفطام لم تكن المرأة أمّا له.
إذا تمت شروط الرضاعة صار الطفل ولدا للمرأة و أولادها أخوة له سواء كانوا
قبله أو بعده, و للرضاع أحكام فيها تفصيل
ثالثا: المحرمات بالصهر و هن
- زوجات الآباء و الأجداد و إن عَلَوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم،
لقوله - تعالى -: ((وَلَا تَنكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاءِ)) (النساء-
22) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على أبنائه و أبناء أبنائه و أبناء بناته
و إن نزلوا سواء دخل بها أم لم يدخل بها.
- زوجات الأبناء وإن نزلوا، لقوله - تعالى -: (وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ
الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ)(النساء-23) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت حراما على
أبيه و أجداده و إن علوا سواء من قبل الأب أم من قبل الأم بمجرد العقد عليها و إن لم
يدخل بها.
- أم الزوجة وجداتها و إن علون، لقوله - تعالى -: (وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ)(النساء-
23) فمتى عقد الرجل على امرأة صارت أمها و جدتها حراما عليه بمجرد العقد و إن لم يدخل
بها سواء كن جدتها من قبل الأب أم من قبل الأم.
- بنات الزوجة، و بنات أبنائها و بنات بناتها وان نزلن وهن الربائب و
فروعهن لكن بشرط أن يطأ الزوجة فلو حصل الفراق قبل الوطء لم تحرم الربائب و فروعهن،
لقوله - تعالى -: ((وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُم مِّن نِّسَائِكُمُ اللَّاتِي
دَخَلْتُم بِهِنَّ فَإِن لَّمْ تَكُونُوا دَخَلْتُم بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ))-(النساء-23)
فمتى تزوج الرجل امرأة ووطئها صارت بناتها و بنات أبنائها و بنات بناتها و إن نزلن
حراما عليه سواء كن من زوج قبله أم من زوج بعده أما إن حصل الفراق بينهما قبل الوطء
فإن الربائب و فروعهن لا يحرمن عليه.
رابعا المُحَرَّماتُ في النكاح بسببِ اللِّعانِ
تَحرمُ المرأة على زوجها في المُلاعنةِ تحريمًا مُؤبَّدًا، وإن كذَّب
الرَّجل نفسه، وهذا مذهَبُ الجمهور: المالِكيَّةِ، والشَّافِعيَّةِ، والحَنابِلةِ،
وهو قَولُ زُفَرَ وأبي يوسُفَ مِنَ الحَنَفيَّة فقد روي عن ابنِ عُمَرَ رضي الله عنهما،
أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم قال للمتلاعِنَينِ: ((حِسابُكما على اللهِ، أحدُكما
كاذِبٌ، لا سبيلَ لك عليها. قال: يا رسولَ الله، مالي؟ قال: لا مالَ لك؛ إنْ كنتَ صَدَقْتَ
عليها، فهو بما استحلَلْتَ مِن فَرْجِها، وإنْ كنتَ كذَبْتَ عليها، فذاك أبعَدُ وأبعَدُ
لك منها ))
المحرمات إلى أجل ( مؤقتاً)
وهن أصناف منها محرم للجمع
- أخت الزوجة و عمتها و خالتها حتى يفارق الزوجة فرقة موت أو فرقة حياة
و تنقضي عدتها لقوله - تعالى -: ((وَأَن تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ))-(النساء-
23) و قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يجمع بين المرأة و عمتها و لا بين المرأة
و خالتها)) متفق عليه
- لا يجوزُ أنْ يجمع بين أكثر من أربع نِسوة؛ لقوله تعالى: {فَانْكِحُوا
مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ} [النساء: 3]، وقد أمَر
النبيُّ مَن تحتَه أكثر من أربعٍ لَمَّا أسلم أنْ يُفارق ما زاد عن أربعٍ.
و منها محرم لعارض
- متعددة الغير: أي إذا كانت المرأة في عدة لغيره فإنه لا يجوز له نكاحها
حتى تنتهي عدتها, و كذلك لا يجوز له أن يخطبها إذا كانت في العدة حتى تنتهي عدتها.
- المحرمة بحج أو عمرة: لا يجوز عقد النكاح عليها حتى تحل من إحرامها.
- يحرُمُ تزوُّج الزانية إذا عُلِم زِناها حتى تتوبَ وتنقضي عدَّتها،
لقوله تعالى: {وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ
ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ} [النور: 3]
- يحرُمُ على الرجل أنْ يتزوَّج مَن طلَّقَها ثلاثًا حتى يطَأَها زوجٌ
غيره بنكاحٍ صحيح, قال تعالى: {فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا
غَيْرَهُ} [البقرة: 230].
و أما الحيض: فلا يوجب تحريم العقد على المرأة فيعقد عليها وإن كانت حائضا
لكن لا توطأ حتى تطهر و تغتسل.
هذا ملخَّص ما ذكَرَه أهلُ العلم في بيان المحرَّمات من النساء اللاتي
يحرمُ نكاحهن, اللهم أحينا و توفنا من المسلمين و فقهنا و علمنا ما ينفعنا و
الحمدلله رب العالمين
المراجع
سنن الدارقطني – كتاب الزواج لابن عثيمين – صحيح البخاري – صحيح مسلم
– حاشية ابن قاسم – تفسير ابن كثير .
أ.ه