زوجات الرسول -1
بسم الله الرحمن الرحيم
هي أم المؤمنين السيدة
خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب القرشية، ولدت بمكة المكرمة سنة ثمانية و ستين قبل
الهجرة في أعرق بيوت قريش نسباً وحسباً، نشأت وترعرعت في بيت حسَبٍ ووجاهة وإيمان وطهارة
سلوك، حتى سميت بالطاهرة وعرفت بهذا اللقب قبل الإسلام.
يلتقي نسبها مع نسب النبي عليه الصلاة والسلام في الجد الخامس، فهي أقرب
أمهات المؤمنين نسباً إليه عليه الصلاة والسلام ، وهي أول امرأة تزوجها ، وأول من
أسلم بإجماع المسلمين, ولم يتزوج عليهاالنبي في حياتها قطّ، ولا
تسرّى بامرأة حتى فارقت الدنيا، وهي خير نساء الأمة مطلقاً، فقد روى البخاري في صحيحه
عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله: «خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة». ولها
مكانة كبيرة وفضل عظيم عند المسلمين،
اتصفت خديجة بالعقل والحزم والعفة, و كانت صاحبة مال تستأجر الرجال للتجارة
في مالها، فلما بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بلغها من صدق حديثه وأمانته
وكرم أخلاقه عرضت عليه أن يخرج في مالها إلى الشام للتجارة ، فلما تاجر في مالها –
نما و تضاعف و ربح
.
عرضت نفسها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكر ذلك لأعمامه - فخرج
معه عمه حمزة بن عبد المطلب ، فخطبها إليه ، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم
وله من العمر خمس وعشرون سنة وكان عمرها يومئذ أربعين سنة ـ فولدت له القاسم - وبه
يكنى - وعبد الله – و قد توفيا قبل البعثة , أما بناته منها فهم : رقية
ثم زينب ثم أم كلثوم ثم فاطمة ، كلهن أسلمن وهاجرن معه عليه الصلاة والسلام.
بعد بعثته صلى الله عليه وسلم - كانت أول من صدق به نبيا ، ثم وقفت إلى
جانبه - وقد استقبلت أمر الوحي و رفضت تسميته بالأوهام فلما حكى الرسول صلى الله عليه وسلم لـ خديجة ما حصل معه في الغار، وكان يظهر
منه الرعب والهلع، وقال لها الكلمات التي نزلت عليه، ثم قال: (يا خديجة لقد خشيت على
نفسي). فقالت: "أَبْشِرْ يَا ابْنَ عَمِّ وَاثْبُتْ فَوَالَّذِي نَفْسُ خَدِيجَةَ
بِيَدِهِ إنِّي لأَرْجُو أَنْ تَكُونَ نَبِيَّ هَذِهِ الأُمَّةِ".
تلك المرأة التي وهبت نفسها ومالها وكل ما ملكت لله ولرسوله ، آمنت به
ونصرته في أحلك اللحظات, وصدقته عندما كذبه
الناس, وانتقلت معه إلى حياة الدعوة والكفاح والجهاد كما أصابها ما أصاب النبي صلى
الله عليه وسلم يوم الحصار ولم تتخل عنه ، فالله اختصها واختارها لتكون سندا للرسول
صلى الله عليه وسلم في إبلاغ رسالة ربه ,
حيث أنها عندما فُرض الحصار على بني هاشم، قررت خديجة أن تترك قبيلتها بني أسد أهل
القوة والمنعة، وتلتحق بزوجها النبي محمد عليه الصلاة و السلام ومن معه من بني هاشم
لتعاني ما يعانونه من جوع وضعف جراء الحصار.
ومن كراماتها وقربها
من الله تعالى : أن يقرؤها المولى السلام من
فوق سبع سماوات ويبشرها ببيت من قصب في الجنة . روى مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله
عنه أنه قال : أتى جبريل النبي فقال : (( يا رسول الله هذه خديجة قد أتت معها إناء
فيه أدام أو طعام أو شراب ، فإذا هي أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومني ، وبشرها
ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب)) أخرجه مسلم .
كان حب الرسول صلى الله عليه وسلم عظيما ووفيا لهذه المرأة التي عاشت
معه حلو الحياة ومرها - ليعلن على الملأ بعد وفاتها ( إني قد رزقت حبها ) وكان يكثر
من ذكرها ويتصدق عنها و يكرم صديقاتها
.
كانت وفاة السيدة خديجة قبل الهجرة إلى المدينة المنورة بثلاث سنوات ،
وتشاء الأقدار أن يتزامن وقت وفاتها والعام الذي توفي فيه عم النبي عليه الصلاة والسلام
أبو طالب الذي كان يدافع عنه بقوة ويحميه بجانب السيد خديحة رضي الله تعالى عنها .و
الحمدلله رب العالمين
المراجع:
ابن هشام: السيرة النبوية 1/236، خديجة بنت خويلد سيدة في قلب المصطفى، محمد عبده يماني، تاريخ دمشق
لابن عساكر, السيد الجميلي: نساء النبي بتصرّف, صحيح البخاري، كتاب مناقب الأنصار باب
تزويج النبي خديجة وفضلها.