أهمية السيرة النبوية في هذا الزمن
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام
على نبينا محمد و آله و أصحابه الطاهرين.
إن كثيراً من الناس في عصرنا الحالي يعرفون
السيرة النبوية الشريفة, ولكن لم تغير من حياتهم شيئاً!، ذلك بأنهم سمعوها كمادة دراسية
للنجاح في كلية الشريعة أو كقصة تاريخية عظيمة لا تعني لهم أكثر من مشاعر الفخر
والاعتزاز بماض قد انتهى, أو كخطبة شعائرية تتكرر مثل طقس سنوي في ذكرى مولد النبي
الأكرم.
لقد غفلوا أن السيرة النبوية يجب أن تدرس دراسةً فقهيةً و ذلك لأن
السنة النبوية كجزء لا يتجزأ من السيرة النبوية هي ثاني مصادر التشريع بعد القرآن
الكريم, و يجب أن تدرس دراسة فكرية منهجية لأن حياة الرسول الكريم بأقواله
و أفعاله هي منهاج حياة و سنن واجبٌ اتباعها و تطبيقها و ربطها بحياتنا العلمية و
مبادئنا و توجهاتنا و سلوكنا, و أبعد من هذا لا بد من دراسة سيرة خير البشر دراسة تفسيرية,
فقد قال بعض الصالحين: " من أهم
قواعد تفسير القرآن الكريم هو سيرة الرسول
صلى الله عليه و سلم ".
إن الله سبحانه و تعالى يقول: ( وَٱعْلَمُوٓاْ أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ ٱللَّهِ)
الحجرات(7):
{فيكم} هذا يعني أن رسول الله معنا في كل زمان ومكان بأخلاقه وسنته
ونصرته لله وتضحياته, لأن الأشخاص نعم يموتون لكنّ الرسالة لا تموت.
إذن يجب أن يكون هدفنا من السيرة استخلاص الدروس وربطها بواقعنا
الحالي، فقد جمع الله للرسول في حياته كل ما يحتاجه إنسان في دقائق حياته ليوم
القيامة, سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الإنسان الوحيد الذي جعله الله هكذا،
فجرب الحياة غنياً وفقيراً، أعزباً ومتزوجاً، حاكماً ومحكوماً، مبتلىً صابراً وذا
نعمة شاكراً، أباً حنوناً، وصديقاً وفياً، وزوجاً مخلصاً، وقائداً ناجحاً وعابداً
في قمة العبودية لله..... و فوق كل هذا جعله حاملا للرسالة و معلما للناس
كلهم.
يقول الله سبحانه و تعالى: (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِى رَسُولِ ٱللَّهِ
أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلْآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ
كَثِيرًا) الأحزاب (21)
إن أغلب الشباب والفتيات في هذا العصر يعانون من فكرة عدم فهم حقيقة
الدين، فالبعض يظنه مقتصرا على الصلاة والصيام، والبعض يظن أنه يقتصر على الأخلاق، والبعض تتشوه صورة الدين في مخيلته لأنه يأخذه عن بعض الذين يظنهم
متدينين، فلا سبيل لفهم الدين إلا بسيرة حامل هذا الدين الذي جاء به رسولا.
و من جانب آخر, فقد المسلمون في هذا الزمن مفهوم و دور القدوة الأساسي
في حياتنا و حياة أولادنا في مواجهة ضغوط هذا العصر المتنوعة و المتلاحقة, و في التغلب
على الإحباط المنتشر, وفي الافتقاد إلى شخصية قيادية واعية للتعامل مع كل ذلك, إننا
بحاجة ماسة لقدوة عظيمة حقيقية لا يمكن أن تنكسر صورتها في أعيننا فنصاب بالإحباط.
نحن نحتاج اليوم لأن نرى كم ضحى الحبيب لأجلنا فنحبه وإن أحببناه
اقتدينا به وإن اقتدينا به نجحنا في حياتنا.
نحن نحتاج لأن نجعل رسول الله في كل موقف يمر معنا ، فنستنتج من خلال
دراسة السيرة ماذا كان يفعل لو كان مكاننا, فلا نحتار ولا تضيعنا الآراء المشتتة,
بل و نتعلم منه كيف
غير مجرى العالم الذي كان يغرق بضياع الأفكار والأخلاق.
و أخيرا, المرء يحشر مع من أحب وبحبك له تحشر معه, و عندما يصبح
المصطفى قدوتك............ مهما انهارت الدنيا وضاعت الأخلاق ستبقى واقفاً على
قدميك ولو وحدك و الله معك.
و الحمدلله رب العالمين.