أين بدأ و أين ينتهي الظالمون
بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام
على خاتم الأنبياء و المرسلين
تتجلى بعض مظاهر العظمة في كتاب الله تعالى بقوة
معانيه، وإعجازه العلمي وما فيه من علم الغيب عن نشأة الكون ونهايته.
ننظر اليوم في آي هذا الكتاب العظيم وربطه بين بداية خلق الانسان و نهايته
و بعثه في يوم القيامة - في سورة الكهف - يقول الله تعالى :
{وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ
فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً* وَعُرِضُواْ عَلَى رَبِّكَ صَفَا لَّقَدْ جِئْتُمُونَا
كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُمْ مَّوْعِدًا*
وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ
يا وَيْلَتَنَا مَا لِهَـذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ
أَحْصَاهَا وَوَجَدُواْ مَا عَمِلُواْ حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا* وَإِذْ
قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ
فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي
وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ بَدَلا } (47-50) الكهف.
في هذه الآيات الكريمة - نجد أن الله تعالى بين في
كتابه حال ذلك الإنسان
العاصي لأمر ربه.......الإنسان الذي ارتكب المنكرات وكفر بالله، كيف يأتي
يوم القيامة؟ - وما أدراك ما هذا اليوم - يوم تدك الجبال وتغور
البحار وتسجر ، وتبرز الأرض فتكون كالساحة الواحدة يجمع الله تعالى عليها
الخلائق جميعاً،
الأولين والآخرين.
لقد خص الله أهل الظلم والعدوان
في تلك الآيات و وصف حالتهم بالفزع حتى
الإشفاق بما يحملونه من كتاب يشهد عليهم بكل ما قدموا وفعلوا في حياتهم الدنيا ، فلا
يترك صغيرة ولا كبيرة الا أتى بها وكشفها وبينها ليكون حجة عليهم بعد
زعمهم أن لن يكون هناك موعد للحساب .
بينما لم يذكر الله سبحانه و تعالى
و لم يبين حال المؤمنين في هذه الآيات، و ذلك لأن حالهم يختلف كليا عن حال هؤلاء الطغاة.
و لكن, نجد أن الله يستعتب ويذكر من عباده هنا من كفر به وأشرك وفسق و
اتبع هواه ، وأضله الشيطان - إذن - قد اكتسب
السيئات ، مع أن الله تعالى خلقه لعبادته ، فكفر به وتولى وأعرض .
فينتقل
إلى تذكيرنا بخلق الإنسان و تكريمه و و كيف أن الشيطان الذي أبى و عصى هو عدونا
فلما اتخذوه وليا أضلهم و وصل بهم إلى ما وصلوا.
فالله تعالى يذكر ذلك الانسان الذي ضل و كفر - لقد خلقتك من قبل - فانظر
إلى آدم كيف خلقه الله بيده ، ونفخ فيه من روحه ، وهو أبو البشر - فأكرمه ، وأمر الملائكة
أن يسجدوا له تحيةً - فكان مؤمنا رسولا ونبيا- ثم جاء من
ذريته من يؤمن بالله ومنهم من أشرك.
قال تعالى بعد تلك المقدمة عن حال هؤلاء يوم القيامة - يا أيها الانسان
، لقد خلقتك وكرّمتك ورزقتك من الطيبات فعشت
حياتك الدنيا تأكل من رزقي وتنعم بأمني وتسرح في أرضي ثم ها أنت تكفر بي وتعبد غيري
- وقد خلقتك بأحسن هيئة وأكمل صورة - ثم يردف تلك الآيات البينات بقضية بداية خلقه
رابطا بين مثول ذلك الكافر بأعماله يوم القيامة بين يدي خالقه و بين حاله حين خلقه
وصوره وأنعم عليه ورزقه بقوله سبحانه : (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ
فَسَجَدُوا إِلاَّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ أَفَتَتَّخِذُونَهُ
وَذُرِّيَّتَهُ أَوْلِيَاء مِن دُونِي وَهُمْ لَكُمْ عَدُوٌّ بِئْسَ لِلظَّالِمِينَ
بَدَلا) الكهف 50.
يا ابن آدم,
هذا إبليس وذريته وجنوده عدو لكم فاتخذوهم عدواً ، يريدون ليخرجوكم من
النور إلى الظلمات والله يريد ليخرجكم من الظلمات الى النور وأن يهديكم سبيل الرشاد.
إن إبليس وجنوده يريدون بكم هلاكا
وخسرانا - أفتؤمنون لهم وهم لكم عدو - بئس للظالمين بدلا –
أيها الانسان عد وارجع الى حكم ربك واعبده وحده واستغفره فمن يغفر الذنوب
إلا هو { يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6)
الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاءَ
رَكَّبَكَ (8) } الانفطار.
و الحمدلله رب العالمين