بسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على محمد الصادق الوعد الأمين و آله و أصحابه الغر الميامين.
قالوا الدهر يومان , يوم لك و يوم عليك, و هكذا تتقلب أحوال العباد
بين اليسر و العسر, و قد يعتري الإنسان فاقةٌ أو حاجةٌ أو دينٌ, إما بذنب اقترفته
يداه, أو بسوء تدبيره و إدارته, أو أن الله أحب أن يبتليه و يرفع درجاته, أو تذكرة
من الله له أن لا يركن إلى الدنيا و ينشغل عن الآخرة, أو لحكمة خفية لا يعلمها إلا
الله.
و قد بين لنا كتاب الله و رسوله الأسباب المعينة على زيادة الرزق و البركة
فيه كالتوبة و تقوى الله, و الإنابة إليه و صدق التوكل عليه, و من ثم كثرة الاستغفار
و الصلاة على رسول الله, و كذلك صلة الرحم و البكور إلى العمل و الجد في الكسب
الحلال, و من جملة هذه الأسباب الدعاء إلى الله و هو موضوعنا اليوم.
الأدعية المأثورة عند طلب الرزق
الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله كيف أقول حين أسأل
ربي؟ قال: قل:" اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك".
أخرجه مسلم
و روى أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال:
"دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ذات يوم المسجد فإذا هو برجل من الأنصار يقال
له: أبو أمامة، فقال يا أبا أمامة: ما لي أراك جالساً في المسجد في غير وقت الصلاة؟
قال: هموم لزمتني وديون يا رسول الله، قال: أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله
عز وجل همك وقضى عنك دينك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: قل إذا أصبحت وإذا أمسيت:
اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل
وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال، قال: ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني
ديني"..
وروى الترمذي وحسنه، عن أبي وائل عن علي رضي الله عنه: أن مكاتباً جاءه
فقال: إني قد عجزت عن كتابتي فأعني. قال: ألا أعلمك كلمات علمنيهن رسول الله صلى الله
عليه وسلم، لو كان عليك مثل جبل صبر دينا أداه الله عنك؟ قال: قل اللهم اكفني بحلالك
عن حرامك، وأغنني بفضلك عمن سواك.
ومن ذلك ما أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله
عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: "اللهم رب السماوات السبع ورب الأرض
ورب كل شيء، فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي
شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر
فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغنني من الفقر".
و صح عنه- صلى الله عليه وسلم أنه كان يستعيذ بالله من الكفر والفقر ومن
عذاب القبر. وكان يقول: اللهم انى أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة، وأعوذ بك أن أظلم
أو أظلم،ويأمر بذلك. رواه الإمام أحمد وغيره.
و قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم لمعاذٍ ألا أُعلِّمُك دعاءً
تدعو به لو كان عليك مثلُ جبلِ أُحُدٍ دَيْنًا لأدَّاه اللهُ عنك قُلْ يا معاذُ اللَّهمَّ
مالِكَ الملْكِ تُؤتي الملكَ من تشاءُ وتنزِعُ الملكَ ممَّن تشاءُ وتُعِزُّ من تشاءُ
وتُذِلُّ من تشاءُ بيدِك الخيرُ إنَّك على كلِّ شيءٍ قديرٌ رحمنَ الدُّنيا والآخرةِ
ورحيمَهما تعطيهما من تشاءُ وتمنعُ منهما من تشاءُ ارحَمْني رحمةً تُغنيني بها عن رحمةِ
من سواك – رواه الطبراني بإسناد جيد.
و عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها أن رسول الله كانَ يقولُ إذا
صلَّى الصُّبحَ حينَ يسلِّمُ "اللَّهمَّ إنِّي أسألُكَ عِلمًا نافعًا ورزقًا طيِّبًا
وعملًا متقبَّلًا"
تجدر الإشارة أن الرزق لا ينحصر بالمال فقط, بل يشمل الصحة و العافية
و الذرية الصالحة و العلم و و غيرها من نعم الله التي لاتحصى, كفانا الله و إياكم
ذل السؤال و صرف عنا و عنكم شر الفقر و العوز, و الحمدلله رب العالمين.
المراجع
معجم الطبراني الصغير - صحيح الترغيب للألباني – صحيح ابن ماجه –
صحيح مسلم - سنن الترمذي