يبدأ تاريخ مسجد موسكو الجامع، أو ما يطلق عليه جامع موسكو الكبير، من
عام 1902، عندما قرر بعض التجار التتار شراء أرض لبناء مسجد، وتم الانتهاء من بناء
المسجد القديم عام 1904وفقًا لتصميم المهندس
المعماري نيكولاي جوكوف و كان المسجد يعرف في بعض الأحيان باسم "مسجد التتر"
لأن مرتاديه كانوا في غالبيتهم من القومية التترية .وكان يضم مدرسة دينية، ولكن بعد
ثورة 1917، أصبحت مدرسة تتارية علمانية.
وقد تقرر هدم جامع موسكو في عام 2011 الماضي، وبالرغم من اعتراض كثير
من المنظمات الإسلامية على قرار هدمه باعتباره واحدا من المعالم الأثرية والتاريخية
و أعيد بناء المسجد مرة أخرى في نفس وافتتح المسجد مرة أخرى في عام 2015 الماضي بحضور
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من رؤساء الدول العربية و الإسلامية.
وقد صمم المهندس المعماري إلياس تاجيف مشروع إعادة الإعمار محاولا التوفيق
بين المظهر القديم للمسجد في عدد من جزئياته و بين حداثة التصميم ليربط الماضي بالحاضر.
أطلق عليه اسم مسجد موسكو الجامع أو جامع موسكو الكبير، وقد أطلق عليه
هذا الاسم باعتباره مسجد موسكو الرئيسي و هو
يحتل موقعاً مميزاً في مركز العاصمة بالقرب من الملعب الأولمبي المغلق حيث يقع بالتحديد
في رواق أولمبيسكي, ليكون خامس مساجد موسكو.
تبلغ مساحة المسجد الجديد حوالي 20 ضعف المساحة القديمة و بلغت 18900 متراً مربعاً. ويرتفع لستة طوابق, كما
أنه يحتوى على مئذنتين وقبة ذهبية اللون ويتسع لعشرة آلاف مصل، مما يجعل منه أكبر مسجد
في أوروبا.
يبلغ طول المئذنتين الرئيسيتين 70 مترًا ويبلغ ارتفاع القبة الذهبية
46 مترًا، واستخدم نحو اثنا عشر طناً من أوراق الذهب لتزيينهما, و زين المسجد بالعديد
من اللوحات والعناصر الزخرفية التي تتماشى مع تقاليد العمارة الإسلامية، باعتماد الألوان
المستخدمة في التصاميم الكلاسيكية وهي الزمردي
والأخضر والأزرق والأبيض, كما زينت الجدران
وسقف المسجد بآيات القرآن, بينما تتوضع ثريا
عملاقة في القاعة الرئيسية يبلغ طولها ثمانية
أمتار وتزن 1.5 طن.
تكلف المسجد الذي يتكون من 6 طوابق نحو 170 مليون دولار أمريكي تبرع بهذا
المبغ بعض الدول والشخصيات لكن كان في مقدمة هؤلاء رجل الأعمال الداغستاني الكبير سليمان
كريموف والذي تبرع وحده بـ 100 مليون دولار من تكلفة المسجد.
يضم المسجد بين في رحابه متحف الإسلام و الذي يشتمل على لوحات ونسخ تاريخية
من القرآن الكريم مكتوبة بخط اليد وقطعة من كسوة الكعبة ومجسم صغير للمسجد، إضافة إلى
نسخة من إحدى صحف القرآن المكتوبة بالفضة وتعود للقرن الثامن، معروضة في صناديق عرض
زجاجية.
كما يفتح المسجد أبوابه أيضاً لغير المسلمين لتعلم الدين الإسلامي وتنظيم
عقود الزواج وفق الأحكام الشرعية والحصول على فتاوى بأمور دينهم وحياتهم، كما يحتوي
على مطعم لتقديم الأكل الحلال.
يعد جامع موسكو الكبير أكثر المساجد التي يقصدها المسلمون،
خصوصاً في المناسبات، وخاصة في صلوات الأعياد أو التراويح في رمضان، حيث يتم غلق الطرق
في محيط المسجد، ويصل عدد المصلين داخله وخارجه في بعض الأحيان إلى مائة و ثمانين ألف
مصل.