عمر بن الخطاب - شخصية إسلامية فذة - قوية – صادحةٌ بالحق - لا تخشى في الله لومة
لائم - هو دعوة النبي عليه الصلاة والسلام : (اللهم أعز الاسلام بأحب هذين الرجلين
اليك بأبي جهل أو بعمر بن الخطاب) رواه أحمد والترمذي - فكان أحبهما
الى الله عمر بن الخطاب .
أبو حفص عمر بن الخطاب العدوي القرشي، المُلقب بالفاروق، هو ثاني الخلفاء
الراشدين ومن كبار أصحاب الرسول محمد، وأحد أشهر الأشخاص والقادة في التاريخ الإسلامي
ومن أكثرهم تأثيرًا ونفوذًاً. هو أحد العشرة المبشرين بالجنة، ومن علماء الصحابة وزهّادهم.
عمر - وما أدراك ما عمر - ولد قبل البعثة النبوية الشريفة بثلاثين عاما
- وقيل بعد عام الفيل بثلاثة عشر عاما - كان رضي الله عنه طويلا ، جسيم القامة ، أشعر وأصلع الرأس ، شديد الحمرة .
لقبه كان الفاروق ، وذلك بعد توليه الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنه
- فكان ينادى بخليفة خليفة رسول الله - فرأى المسلمون أن يطلقوا عليه لقب أمير المؤمنين - فكان لقبه عند ذلك ولقب من
يأتي من بعده من الخلفاْء
.
كان يعرف في قومه بالقوة والشجاعة
والإقدام والحزم والشدة وقول الحق والإخلاص
، فكانت الناس تهابه لذلك ولقوة شخصيته
.
وكان لقصة إسلامه ذلك الأثر المؤثر
والبليغ - يحكى أنه خرج يوما عازما على قتل رسول الله صلى الله عليه وسلم
بعدما ضاق
ذرعا به وبما يقول الناس عنه ، وبينما هو مجد في السير إلى رسول الله صلى
الله عليه
وسلم ، إذ يلتقي برجل فيخبره بأن أخته قد أسلمت ، فاشتاظ غيظا لما سمعه
وأراد أن يتأكد من الخبر، فلما وصل إليها سمعها تقرأ القرآن من سورة طه ،
فدخل عليها وزوجها في
المنزل بعد أن تاكد من إسلامها وضربها بشدة وزوجها ، ولكن ما لبث أن سأل
أخته أن تعطيه
ما كانت تقرأ ، فطلبت منه بأن يغتسل أولا قبل
أن يمس المصحف ،وبعد أن اغتسل أعطته إياه بناء
على ما جاء فيه ، فقرأ من سورة طه (إِنَّنِىٓ
أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدْنِى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِىٓ).
طه 14.
صعق عمر لما قرأه و لما رأى من حلاوة ذلك الكتاب العظيم فرق قلبه ودمعت
عينه ثم أراد أن يلتقي الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم .
خرج عمر من عند أخته قاصدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة
- وكان بينهم حمزة بن عبد المطلب، كان قدومه مفاجئا وقويا حتى أن صحابة رسول الله صلى
الله عليه وسلم فزعوا منه ، فأراد الدخول وهم يمنعونه ، فأوعز النبي عليه والصلاة والسلام
عليهم فسمحوا له بالدخول، والصحابة يستنفرون خوفا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
، فقال له النبي عليه الصلاة والسلام ، أما آن لك أن تؤمن يا عمر ؟ فقال : أشهد أن
لا اله الا الله وأشهد أنك رسول الله ، فكبر جميع الحضور وعرفوا أن الاسلام قد دخل
الآن مرحلة جديدة بدخول أقوى رجل في مكة المكرمة والناس تهابه ، وما أن بلغ أهل مكة إسلام عمر حتى فزعوا و اهتموا لإسلامه.
هاجر عمر من مكة المكرمة معلنا هجرته في وضح النهار ومتحديا أهل الكفر
للقائه قائلا لهم من أحب أن تثكله أمه فليلحق بي - ولكنهم فزعوا من لقائه فلم يخرج
منهم أحد .
كان شديدا قويا فارسا مقداماً, شارك رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع غزواته
ولم يتخلف عن أي منها, وفي معركة بدر قتل خاله
العاص بن هشام - مقدما قوة رابطة الأخوة في الدين والعقيدة على كل الروابط .
كانت همته عالية وحازماً في معاركه ظهرت صلابته وإقدامه في معركة أحد
- وقد أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية على هوازن -
يحكى أنه من سخائه في الإسلام تصدق بنصف ماله في غزوة تبوك -
عندما ولي ابو بكر الصديق الخلافة كان خير معين له - وكان الخليفة أبو
بكر يأخذ بمشورته في كثير من الأمور ثم تولى الخلافة بعد أبي بكر رضي الله عنه ، فكان شديد الاهتمام بالرعية
، يقدمهم على نفسه وأهله وولده
. كانت حكمته واضحة - فعند اشتداد مرض الطاعون في بلاد الشام وكان يقصدها
، أطرق راجعا ولم يدخلها ، فقال له أبو عبيدة
بن الجراح : أفرار من قدر الله ؟ فقال له : نعم نفر من قدر الله الى قدر الله - آخذا
بقول النبي عليه الصلاة والسلام : إذا سمعتم به بأرض قوم فلا تدخلوها - وإذا وقع أارض
قوم أنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه ).
و هو مؤسس التقويم الهجري، و هو من قام بتوسعة المسجد النبوي والمسجد
الحرام , وفي عهده بلغ الإسلام مبلغًا عظيمًا، وتوسع نطاق الدولة الإسلامية و ازدهرت
الفتوحات الإسلامية في عهده فوصلت الصين شرقا - وبحر قزوين من الشمال وتونس غربا والنوبة
جنوبا . وهو الذي أدخل القدس تحت حكم المسلمين لأول
مرة
عرف عنه رضي الله عنه مبدأ الشورى - والخشية على أرواح الجنود - وعرف
برجاحة عقله وبعد نظره و عدله وشجاعته وقوة
جسمه و قد أظهر عمر حنكة وبراعة في شؤون السياسة و
إدارة أمور الرعية و أثبت كفائته في إدارة شؤون الدولة خلال عام القحط الذي وقعت البلاد
خلاله في مجاعة عظيمة ( عام الرمادة).
وأكثر ما يشهد لابن الخطاب ببراعته في حكم الدولة، إنشائه لبنيان إداري
متين تمكن بواسطته من حكم دولة مترامية الأطراف ومتعددة القوميات، وإبقائها متماسكة
موحدة لفترة استمرت سنين طويلة بعد وفاته.
يعتبر عمر بن الخطاب أول من أنشأ نظام الشرطة أو العسس و قام بتطوير
و إرساء قواعد الحسبة إلى غريها الكثير من الأمثلة الشاهدة على عمته الإدارية.
استشهد رضي الله عنه طعنا بيد أبي لؤلؤة - يوم الاربعاء عند نهاية شهر ذي الحجة وهو يصلي
الفجر بالمسلمين، فأخذ بيد عبد الرحمن بن عوف وقدمه للصلاة - عانى ثلاثة أيام من إصابته
- وقد استأذن عائشة رضي الله عنها ليدفن إلى جانب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي
بكر رضي الله عنه .
توافق عدد من آراءه بما أنزل الله تعالى في كتابه - وقال عمر عنها إنها
ثلاث - وذكر اتخاذ مقام ابراهيم مصلى ، وآية الحجاب ، وعندما اجتمع نساء النبي صلى الله عليه وسلم يعاتبن
رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال لهن :عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن.
و الحمدلله رب العالمين
المراجع
الطبقات الكبرى، تأليف: ابن سعد- تاريخ الخلفاء، تأليف: السيوطي- الفاروق، عمر تأليف محمد حسين هيكل.- تاريخ دمشق
لابن عساكر - كتاب البداية والنهاية لابن كثير - مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
لابن الجوزي -صحيح البخاري - تاريخ الإسلام للذهبي.